نظام العاملين بالزراعة: انتقادات لمادة تميز بين العمال في الحقوق(2021-09-15 07:06:07)
رانيا الصرايرة عمان- بعد أن تم إقرار نظام العاملين في الزراعة منذ شهر أيار (مايو) الماضي، لتلبية حاجة القطاع إلى تنظيم قانوني يراعي خصوصيته، وفقا لرئيس قسم التشريعات والاستشارات في وزارة العمل الدكتور عمر العرايشي، ما يزال المزارعون ينتظرون تحديد موعد لتطبيقه، فيما يشكك مختصون بنجاح آليات التطبيق نظرا لكبر حجم القطاع وهشاشة العلاقات بين العمال الزراعيين وأصحاب العمل. جاءت هذه التساؤلات عنوانا لندوة نظمها مرصد الحماية الاجتماعية التابع لجمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان أمس، بعنوان “بعد إقراره رسمياً متى سيطبق نظام عمال الزراعة”. وقال العرايشي في الندوة إن هذا النظام تم إقراره بعد إجراء تشاور حوله شمل أصحاب العمل والمزارعين ومنظمات المجتمع المدني، مشيرا إلى أنه جاء لتعزيز بيئة العمل اللائق ورفع مستوى الإنتاجية في قطاع الزراعة الحيوي والاستراتيجي. واضاف أن النظام راعى الأمور الرئيسية التي تتعلق بحماية العمال، من خلال تنظيم مسألة عقود العمل وأشكاله ووضع الالتزامات على العمال وأصحاب العمل، إضافة لشمول العمال بالحقوق الأساسية المنصوص عليها في القانون، مثل الحد الأدنى للأجور والاجازات، ووضع حماية للمرأة العاملة في قطاع الزراعة عبر منحها إجازة الأمومة وشمولها في مظلة الضمان الاجتماعي، إضافة لحماية الأطفال العاملين في القطاع، إلى جانب تعزيز مكافحة العمل الجبري والاتجار بالبشر في القطاع. ولفت إلى أن النظام ألزم اشراك العمال بأحكام قانون الضمان الاجتماعي، مبينا بأنه ستصدر خلال الفترة المقبلة في الجريدة الرسمية تعليمات خاصة تتعلق بآليات وإجراءات التفتيش وشروط وتدابير الصحة والسلامة المهنية في القطاع. وقالت مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز إن عدم إصدار نظام العاملين في قطاع الزراعة كان يجب ألّا يمنع العاملين من تطبيق قانون العمل على المزارعين، مشددة على خصوصية العمل في القطاع الزراعي، من حيث ساعات العمل وموسميته”، مشيرة إلى أنه “رغم صدور النظام فإنه لم يوضح كيفية تنظيم القطاع وكيفية تطبيق الأحكام الواردة فيه، ناهيك عن التأخير في إصدار النظام لأكثر من 10 أعوام، وبعد إصداره جاء تكرارا لأحكام نظام العمل في كثير من مواده”. وأشارت إلى مسألة الوساطة العمالية المنتشرة في العمل الزراعي أو ما يسمى ب (الشاويش) التي لم يأت النظام على أي ذكر لها، ما يخلق شكلا من أشكال اللبس في العلاقة العمالية ويحرم العامل من حقوقه العمالية بسبب ضياع بوصلة العامل بين صاحب العمل والسمسار. وأكدت عبد العزيز أن العمل في القطاع الزراعي ينتشر فيه ما يشبه عمل (الأسر)، وهو ما يخلق نظام عمل أشبه بالمقاولة. وانتقدت المادة (15) في النظام التي جرى فيها التمييز بين العمال في الحقوق بناء على عدد العمال الذين يشغلهم صاحب العمل، ما يؤدي إلى حرمان العمال من غالبية الحقوق الواردة في النظام، مثل ساعات العمل والإجازات وأوقات الراحة والعمل الإضافي والاجازات الأسبوعية وبدلها في حال العمل، والاجازة السنوية والمرضية، والتي تركت كافة هذه الحقوق بيد صاحب العمل، معتبرة أن هذا الاستثناء “غير قانوني وغير دستوري ويمكن أن يخلق حالة من التهرب والتحايل على القانون”. ودعت إلى ضرورة إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية التي يعانيها قطاع الزراعة، بعيدا عن التضحية بالحقوق العمالية، مبينة أن عمال القطاع بحاجة لمزيد من الحماية وتعزيز بيئة العمل الصحية، خاصة في ظل وجود العديد من الفئات التي تعتبر أكثر ضعفا، مثل العمال المهاجرين والنساء والأطفال الذين غالبا ما يكونون عرضة للانتهاكات من قبل أصحاب العمل. وقالت عبد العزيز إنه “ورغم إصدار النظام فإنه لم يتم تطبيق أحكامه، وهو غير موجود على أرض الواقع في ظل هشاشة العلاقات بين العمال وأصحاب العمل، داعية وزارة العمل إلى سرعة تفعيل القانون وتعليمات التفتيش على أرض الواقع، وتمكين العمال الذين يتعرضون للانتهاكات العمالية من التظلم. بدورها، أكدت رئيسة النقابة المستقلة للعاملين في الزراعة المهندسة لمياء البشتاوي أنها، وبحكم عملها مع المزارعين، تشهد يومياً العديد من الانتهاكات في قطاع الزراعة، مشددة على أن أغلب العاملين في القطاع لا يعلمون بوجود قانون ينظم عملهم. واعتبرت البشتاوي أن إصدار النظام يعتبر أمراً إيجابيا، لكنها وضعت علامات استفهام حول آليات تطبيقه في ظل الخصوصية التي تحكم القطاع. من جهته، رأى المحامي المختص في قضايا العمل أحمد المطالقة أن إصدار النظام بهذا الشكل “لم يكن بحاجة لانتظار دام 15 عاماً، مضيفا أن النظام لم يتضمن أو يستحدث أي أمر تخصصي وتفصيلي يراعي خصوصية قطاع الزراعة. وأشاد بما ورد بالمادة 16 من النظام التي تؤكد انطباق أحكام القانون على ما لم يرد فيه، والتي تنص على “في غير الحالات المنصوص عليها في هذا النظام تطبق أحكام القانون”، مستبعدا إنشاء تنظيم نقابي فاعل في الوقت الحالي. وكانت الحكومة أقرت نظام العاملين في الزراعة في أيار الماضي ونشرته في الجريدة الرسمية بعد انتظار دام 13 عاما، حيث إن قانون العمل للعام 2008 نص على شمول عمال الزراعة وعمال المنازل بأنظمة تصدر لهذه الغاية، فيما صدر نظام العاملين في المنازل فقط دون نظام للعاملين في الزراعة. ويحوي النظام 17 مادة أهمها “شمول عمال الزراعة بأحكام قانون العمل في أي موضوع لم يعالجه النظام، أي أن عمال الزراعة اصبحوا مشمولين بالقانون كاملا وبالضمان الاجتماعي”. غير أن النظام استثنى أصحاب العمل وعمالهم في حال استخدامهم 3 عمال فأقل من أحكام ساعات العمل والعطل، ومن الشمول بالضمان، بحسب مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة. وينص النظام على أن “ساعات العمل الزراعي العادية هي ثماني ساعات في اليوم الواحد، ولا تزيد على ثمان وأربعين ساعة في الأسبوع تتوزع على ستة أيام على الأكثر، تعطى خلالها فترة للراحة لا تقل عن ساعة واحدة على مرحلتين حسب ظروف العمل، ولا يحسب منها الوقت المخصص للراحة وتناول الطعام”. وأجاز لصاحب العمل “تشغيل العامل الزراعي أكثر من ساعات العمل اليومية العادية في حالات الموسم الزراعي والحالات الطارئة من أجل تلافي وقوع خسائر في المنتجات الزراعية، على أن يتقاضى العامل أجرا إضافيا وبحسب المنصوص عليه في قانون العمل”. وأكد استحقاق العامل الزراعي يوم عطلة أسبوعية وفقا لما تقتضيه طبيعة العمل الزراعي، على انه “يجوز بالاتفاق مع صاحب العمل الزراعي جمع أيام عطلته الأسبوعية والحصول عليها خلال مدة لا تزيد على شهرين، ويلتزم صاحب العمل وعلى نفقته بتهيئة مكان سكن مناسب للعمال الزراعيين داخل المنشأة الزراعية في حال اقتضت طبيعة العمل ذلك وحسب الشروط الواردة في عقد العمل”. وألزم النظام كل منشأة زراعية تستخدم ما لا يقل عن عشرين عاملا أن “تضع نظاما داخليا يبين أوقات الدوام وفترات الراحة اليومية والأسبوعية ومخالفات العمل والعقوبات والتدابير المتخذة بشأنها، بما في ذلك الفصل من العمل، وكيفية تنفيذها، وأي تفاصيل أخرى تقتضيها طبيعة العمل، وعلى أن يخضع النظام الداخلي لتصديق الوزير أو من يفوضه ويعمل به من تاريخ تصديقه”. وتنص إحدى المواد على أن “يلتزم صاحب العمل الزراعي بإشراك العمال لديه بالتأمينات المشمولة بأحكام قانون الضمان الاجتماعي في حال انطبقت عليهم الأحكام الخاصة بالشمول الإلزامي الواردة في قانون الضمان الاجتماعي وتعديلاته ونظام الشمول بتأمينات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وتعديلاته”.

Print
 
Copyright � 2015 Irbid Chamber of Commerce. All rights reserved.  


Facebooktwitter