”جیل الانتظار“..قنبلة موقوتة واقتصادیون یدعون لـ“مأسسة“مهن العمالة الوافدة (2019-07-14 06:47:41)
سماح بیبرس عمان – یبدو أن مصطلح رئیس الوزراء الاقتصادي الدكتور عمر الرزاز ”جیل الانتظار“ الذي كان قد أطلقھ قبل أعوام من قدومھ كرئیس للحكومة، عاد لیطفو الیوم على السطح، وذلك تزامنا مع ارتفاع معدلات البطالة التي وصلت، وفق خبراء واقتصادیین، إلى معدلات ”غیر مسبوقة ومرتفعة جدا“. ”جیل الانتظار“ الذي كان قد عرفھ الرزاز بأنھ ”جیل الشباب الذي ینتظر الانتقال من مرحلة الدراسة والشباب إلى مرحلة الاستقرار والرجولة سواء في إیجاد عمل وزواج وغیره“ والذي حذر منھ واعتبره ”خطیرا“ بسبب ”ما یعانیھ من احباط وكبت في وقت یتطلع فیھ للتغییر“، ھو الیوم ”قنبلة موقوتة“، بحسب الخبراء، تكاد تنفجر مولدة أزمات ومشكلات أخرى ذات أبعاد اقتصادیة واجتماعیة وحتى سیاسیة. یأتي ھذا في الوقت الذي وصل فیھ معدل البطالة أخیرا إلى 19 ،% وقد قدرت بین الذكور بـ 4.16 ،% فیما قدرت نسبتھا بین الإناث بـ9.28 .% وكانت أعلى معدلات للبطالة في الفئتین العمریتین 15-19 سنة 20-24 سنة، حیث بلغ المعدل 7.48 % و5.38 % لكل منھما على التوالي. ویرى اقتصادیون أن حل مشكلة البطالة لا یمكن أن یكون إلا من خلال تحقیق معدلات نمو اقتصادي تسھم في خلق فرص عمل جدیدة من خلال تنشیط بعض القطاعات التي تسھم في ھذا النمو، فیما یشیر آخرون إلى جانب التعلیم ومواءمة مخرجات التعلیم مع متطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى التدریب والتأھیل. ویشیر البعض إلى ضرورة ”مأسسة“ بعض المھن التي تستوعب نسبا عالیة من العمالة الوافدة، بحیث تكون جاذبة ومشجعة للعمل من قبل الأردنیین، وذلك بما ینسجم مع قانون العمل والعمال ومثال ذلك ”حراس العمارات“ و“عاملات المنازل“، فیما یھتم آخرون بضرورة العمل على توفر ”المھارات الحیاتیة“ و“اللغة الانجلیزیة“ لدى الخریجین. وزیر تطویر القطاع العام الأسبق، الدكتور ماھر المدادحة، یرى أن معالجة مشكلة البطالة لا یمكن أن یكون إلا من خلال معالجة الاقتصاد، وتحدیدا زیادة معدلات النمو الاقتصادي، فھو یؤكد بأن ”البطالة انعكاس لمشكلة اقتصادیة ناجمة عن تراجع النمو الاقتصادي“ و“ھي مشكلة اقتصادیة بحتة“ . ویشیر المدادحة إلى أن الاقتصاد إن لم یكن قادرا على خلق فرص عمل فعلیة فلن یكون ھناك أي حل لمشكلة البطالة، وأن كل ما یتم الحدیث عنھ حول بطالة الشباب وغیره مجرد عناوین وإنشاء لأن الحل الحقیقي لم ولن یتكون إلا من خلال تنشیط الاقتصاد بما یتضمنھ من سیاسات تضمن تخفیض عجز الموازنة وزیادة الإنفاق ودعم المیزان التجاري، وزیادة تنافسیة القطاعات وتشجیع معدل البطالة یرتفع الاستثمار وغیرھا. وحتى ”ریادة الأعمال“ والمبادرات التي یتم الحدیث عنھا وتشجیع الشباب علیھا ھي أیضا، وفق المدادحة، بحاجة إلى بیئة اقتصادیة صحیة تشجعھا وتساھم في نموھا وتطورھا، ”فلا یمكن أن تتحول ھذه المبادرة إلى شركة أو مشروع كبیر إلا إذا كان ھناك بیئة مناسبة لذلك“، مؤكدا ضرورة اتباع سیاسات إصلاحیة اقتصادیة مناسبة. ویرى المدادحة أن الأصل أن تقوم وزارة العمل بتنظیم سوق العمل لا أن تخلق فرص عمل، فھي مطالبة بالتنسیق مع وزارة التعلیم العالي لتوجیھ الشباب نحو تخصصات لھا سوق، كما أنھا مطالبة بتھیئة ظروف مناسبة للعمال الأردنیین لتقوم بعملیة إحلال مع العمالة الوافدة من خلال ایجاد شركات وجمعیات من شأنھا أن تؤمن عمالا أردنیین للوظائف التي تتركز فیھا العمالة الوافدة، في ظل ضمانات وحقوق للعامل. ویضرب المدادحة مثالا على ذلك كأن یكون ھناك شركة لتوفیر حراس في العمارات، فالعامل یعمل فعلیا لدى الشركة التي تضمن لھ بیئة ملائمة ومناسبة وتأمین وضمان والأردني سیعمل في ھذه الوظیفة ما دامت توفر لھ دخلا مناسبا. رئیس مركز بیت العمال المحامي/ أمین عام وزارة العمل السابق، حمادة أبو نجمة، یرى أن الحل الأمثل على المدى القصیر لھذه المشكلة ھو في ”ایجاد برامج التدریب والتأھیل والتشغیل بما یتناسب مع احتیاجات سوق العم“ . ویضیف أبو نجمة أنّھ لا بدّ من رصد وتنفیذ وتصمیم برامج تتناسب مع اختصاصات مطلوبة، بالتعاون مع القطاع الخاص، بحیث یكون التدریب في مواقع العمل وبھدف التشغیل وإحلال من یتم تدریبھم. أما على صعید السیاسات بعیدة المدى، فیشیر أبو نجمة إلى ”التعلیم والاقتصاد“؛ حیث یرى ضرورة تغییر منھجیة السیاسات المتعلقة بالتخصصات، خصوصا فیما یتعلق بتخصصات الاناث المتعطلات، مشیرا إلى أن 80 % من الإناث المتعطلات یحملن شھادات في تخصصات غیر مطلوبة. ویرى أبو نجمة أنّھ لا بدّ من التركیز على التخصصات التقنیة ولیست النظریة التي أصبح سوق العمل مشبعا منھا. كما یرى أبو نجمة ضرورة تشجیع الاستثمار وإیجاد مشاریع ریادیة تولد فرص عمل وتتناسب مع الخریجین، مشیرا إلى أن المشاریع التي ازدھرت في الماضي ساھمت في خلق فرص عمل ذھبت غالبیتھا إلى العمالة الوافدة. رئیس المجلس الوطني للمھارات في قطاع تكنولوجیا المعلومات، الدكتور علاء نشیوات، یرى أن جزءا كبیرا من مشكلة البطالة، وخصوصا في قطاع الاتصالات وتكنولوجیا المعلومات تتعلق في مدى مواءمة كفاءة ومھارات الطلاب مع سوق العمل. ویشرح نشیوات بأن ھذا الجانب المواءمة“ تتعلّق بـ 4 ّ قضایا رئیسیة ھي أن ھناك تخصصات ”متخمة“، وأن ّ المھارات التقنیة في بعض التخصصات لیست ملائمة، فیما أن البعض لغتھ الانجلیزیة ضعیفة وضعیفة جدا، إضافة إلى ضعف المھارات الحیاتیة. ویشیر نشیوات إلى ضرورة التركیز على ”المشاریع متناھیة الصغر“، والمشاریع الریادیة التقنیة لانخفاض تكلفتھا على الشباب وھذا یتطلب فقط أنترنت عالي الجودة، وكهرباء ، وعمليات دفع الكتروني وفي جانب التدریب، یرى نشیوات أن التدریب المیداني كمتطلبات تخریج لدى طلاب الجامعة لا بد أن یطبق بشكل أكثر فعالیة وبصورة حقیقیة بعیدا عن فكرة ”قطع الساعات المحسوبة للتخرج فقط وختم الأوراق“، بحیث یتم تدریب الطالب وفقا لمنھج حقیقي فعلي یؤھل الطالب. كما لا بدّ، وفق نشیوات، من التركیز على جانب النظرة التقلیدیة لبعض المھن وذلك من خلال التدریب المھني عالي المستوى لھذه المھن، وضمان دخول مناسبة لھذا النوع من المھن إضافة إلى تغییر الصورة النمطیة عن من یعمل فیھا، ومأسسة بعض ھذه المھن. ویؤكد على ضرورة توجیھ الشباب لدراسة التخصصات التي تتطلبھا السوق محلیا وعالمیا، فبدلا من أن یدرس الشاب تخصصات تتعلق بإدارة المعلومات بأنواعھا وأشكالھا المختلفة والتي أصبح سوق العمل متخم فیھا، من الممكن البدء بالتركیز على تخصصات تتعلق بـ“أمن المعلومات. ویعتقد نشیوات أن قوة العمل ھذه التي لا تجد فرصا ھي ”قنبلة ستنفجر“ إن لم یتم ایجاد حلول عملیة وسریعة لھا. ویدعو إلى ضرورة تحدید الأولویات والتركیز على تنفیذھا في قطاع معین من الممكن أن ینمو یتم التركیز علیھ وعلى كل ما یتعلق بھ بحیث یوظف أعلى نسبة من الخریجین. وتشیر الأرقام إلى أن معدل البطالة كان مرتفعا بین حملة الشھادات الجامعیة؛ حیث بلغ 4.24% ّ مقارنة بالمستویات التعلیمیة الأخرى. وأن 7.54 % من إجمالي المتعطلین ھم من حملة الشھادة الثانویة فأعلى، وأن 3.45 % من إجمالي المتعطلین كانت مؤھلاتھم التعلیمیة أقل من الثانوي. ویشار ھنا إلى أن البنك الدولي كان أشار في دراسة حول قطاع الشباب في الأردن تحت عنوان”اشراك الشباب الأردني“ إلى أن 29 % من الشباب الأردنیین یرزح الیوم تحت وطأة افتقار المھارات وضعف التأھیل، وأن ما یقارب ثلث شباب المملكة لیسوا في الوقت الحاضر في التعلیم أو التوظیف أو التدریب، وحتى الشباب الذین لدیھم وظائف ”غیر راضین جدا“. ّ وقال إن ّ الأردن ”یمر بمرحلة حاسمة من الازدھار والتقدم الاجتماعي والسلام، لكن شبابھا یقف على شفا الھاویة“ . وأشار إلى ”أن احتیاجات وتطلعات الشباب في الأردن ما تزال لا تُعالج على نحو ملائم“، وأنّھ ”في حین یمثل الشباب أكثر من ثلثي مجموع سكان البلد في الأردن، فإن احتیاجاتھم وتطلعاتھم لا تُعالج على نحو ملائم“. وقال البنك إن ”قضیة البطالة في الأردن لا تؤثر على الاقتصاد فحسب، بل تؤثر أیضا على الحالة الاجتماعیة والصحیة والنفسیة والاجتماعیة للعاطلین عن العمل“. وأضاف أن الشباب یفتقر إلى منصات للتعبیر عن مخاوفھم وآرائھم، وحتى في الأماكن التي توجد فیھا مثل ھذه المنصات، لا یعتقد الشباب أنھم یمثلون نوعا مناسبا من المشاركة، وتوقعت الدراسة أن ”یؤدي الإحباط الناتج عن ذلك إلى زیادة تحدیات العنف والمعارضة“.

طباعة
 
حقوق الطبع والنشر © غرفة تجارة اربد 2015. جميع الحقوق محفوظة.  


فيس بوكتوتير